الأربعاء، 21 فبراير 2018

22. دم النفاس و دم الاستحاضة..... باب الطهارة

دم النفاس
النفاس: هو الدم الخارج بسبب الولادة.
1- توقيت النفاس:
ليس لأقل مدة للنفاس حَدٌّ:

وقد أجمع العلماء([1]) على أنها متى رأت الطهر –ولو قبل الأربعين- أنها تغتسل وتصلى ويأتيها زوجها.
أما أقصى مدة تنتظرها المرأة إذا استمر بها الدم، فذهب الجمهور إلى أن أقصى مدة النفاس أربعون يومًا ثم تغتسل وتصلي، واستدلوا بحديث أم سلمة قالت: «كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تقعد بعد نفاسها أربعين يومًا أو أربعين ليلة»([2]).
2- أجمع العلماء على أن النفاس كالحيض في جميع ما يحل ويحرم ويكره ويندب([3]).
3- يختلف النفاس عن الحيض في أن العدة لا تحصل به، لأن العدة تنقضي بوضع الحمل قبله([4]).
دم الاستحاضة
الاستحاضة: جريان الدم في غير أوقات الحيض والنفاس، أو متصلاً بهما، وهو دم ليس بعادة ولا طبع منهن ولا خلقة، إنما هو عرق انقطع، سائله دم أحمر لا انقطاع له إلا عند البرؤ منه([5]).
وحكمه: تكون المراة طاهرة لا يمنعها من صلاة ولا صوم بإجماع العلماء.
توقيت الاستحاضة:
إذا خرج هذا الدم في غير وقت الحيض والنفاس غير متصل بهما، فلا إشكال في هذا.
أما إذا كان جريان هذا الدم متصلاً، فكيف تصنع؟
فنقول: هذه المرأة لا تخلو من أربع حالات:
1- إما أن تكون ذات عادة معروفة، تعرف قدر حيضتها، فهذه تنتظر قدر حيضتها ثم تغتسل وتصلي وما زاد على حيضتها فهو دم استحاضة ليس بحيض.
فعن عائشة قالت: إن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم؟ فقالت عائشة: رأيت مركنها ملآن دمًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي»([6]).
2- وإما أن تكون المرأة لا تعرف حيضتها، لكن تستطيع تمييز دم الحيض من الاستحاضة فتنظر إلى دم حيضها فتترك الصلاة ثم تغتسل وتصلي بعد إدباره.
فعن عائشة قالت: جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: «لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي»([7]).
3- وإما أن تكون المرأة مبتدأة، بمعنى أنها لم يسبق لها الحيض، فهي غير مميزة لدم الحيض عن غيره من الدماء، فهذه تبنى على حال أغلب النساء، فإن كان الغالب من حال النساء حولها أن يحضن مثلًا في الشهر ستة أو سبعة أيام، فإنها تنتظر من ابتداء حيضتها ستة أو سبعة أيام وتعتبرها أيام حيض، وبعدها تغتسل ولا عبرة بالدم بعد ذلك فإنه استحاضة.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحمنة بنت جحش: «إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيَّضي ستة أيام أو سبعة في علم الله ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعًا وعشرين ليلة أو ثلاثًا وعشرين وأيامهن، وصومي، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر، كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطُهرن»([8]).
4- وأما أن تكون المرأة ناسية لعادتها قدرًا ووقتًا ولا تستطيع تمييز الحيض من الاستحاضة([9]): فللعلماء في هذه أقوال: أظهرها أنها كالمبتدأة غير المميزة التي تقدم حكمها والله أعلم.
أحكام المستحاضة:
1- المستحاضة في حكم الطاهرة فلا يحرم عليها شيء مما يحرم بالحيض.
2- المستحاضة تصوم وتصلي وتقرأ القرآن وتمس المصحف وتسجد للتلاوة وللشكر وغيرها كالطاهرة بالإجماع.
3- لا يلزم للمستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة ما لم تُحدث لأن الراجح ضعف الأخبار الواردة في ذلك([10])، والأفضل أن تتوضأ أو تغتسل لكل صلاة لحديث عائشة أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأمرها أن تغتسل فقال: «هذا عرق» فكانت تغتسل لكل صلاة([11]).
4- يجوز للمستحاضة أن يجامعها زوجها ما دام في غير وقت الحيض وإن كان الدم جاريًا، وهو قول أكثر العلماء([12]).
5- يجوز للمستحاضة أن تعتكف في المسجد، فعن عائشة قالت: «اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي»([13]).
وقد نقل النووي في شرح مسلم (1/ 631) الإجماع على أن المستحاضة في الاعتكاف كالطاهرة.




([1]) نقله الترمذي في السنن (1/ 429).
([2]) أخرجه أبو داود (307)، والترمذي (139)، وابن ماجه (648) وقد اختلف في تحسينه والراجح ضعفه والله أعلم، إلا أن العلم عليه.
([3]) نيل الأوطار للشوكاني (1/ 286).
([4]) المغنى لابن قدامة (1/ 350).
([5]) وهو ما يسمى بالنزيف.
([6]) صحيح: أخرجه مسلم (ص 264- عبد الباقي)، وأبو داود (279)، والنسائي (1/ 119).
([7]) صحيح: أخرجه البخاري (228)، ومسلم (ص 262) وغيرهما.
([8]) أخرجه أبو داود 0287)، والشافعي في الأم (1/ 51)، وابن ماجه (622)، والترمذي في الطهارة (باب 95) وسنده لين، وقد حسنه الألباني في الإرواء (205).
([9]) وهذه يسميها العلماء: المتحيرة.
([10]) راجعها في «جامع أحكام النساء» (1/ 230) وما بعدها.
([11]) أخرجه البخاري (327)، ومسلم (262) وغيرهما.
([12]) المجموع (2/ 372)، والمغنى (1/ 339).
([13]) البخاري. 
Post a Comment

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق