الثلاثاء، 6 فبراير 2018

من علمني حرفا صرت له عبدا " هل هو حديث نبوي؟





الجواب :
الحمد لله
أولا :
فإن هذه المقولة المشهورة " من علمني حرفا صرت له عبدا " ، ليست بحديث منقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال محمد الأمير المالكي في " النخبة البهية في الأحاديث المكذوبة على خير البرية" (367) :" من عَلمنِي حرفا صرت لَهُ عبدا ". ليس بِحَدِيث ، وَالَّذِي ورد:" من علم عبدا آيَة من كتاب الله فَهُوَ لَهُ عبد ". انتهى
وهذا الحديث الذي عناه الشيخ محمد الأمير المالكي جاء  بلفظ :( مَنْ عَلَّمَ عَبْدًا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ، فَهُوَ مَوْلَاهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْذُلَهُ ، وَلَا يَسْتَأْثِرَ عَلَيْهِ ) .
والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/112) ، وابن عدي في "الكامل" (1/478) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2023) والشجري في "الأمالي" (425) من طريق عبيد بن رزين.
وأخرجه تمام في "الفوائد" (354) ، من طريق عبد الوهاب بن الضحاك :
كلاهما عن إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاشٍ ، قال حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:( مَنْ عَلَّمَ عَبْدًا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ، فَهُوَ مَوْلَاهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْذُلَهُ ، وَلَا يَسْتَأْثِرَ عَلَيْهِ ).
والحديث لا يصح .
فيه " عبيد بن رزين " ، مجهول .
قال الذهبي في "ذيل الضعفاء والمتروكين" (254) :" عبيد بن رزين اللاذقي: عن إسماعيل بن عياش ، مجهول ، والحديث منكر ". انتهى
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (541) :" فيه عبيد بن رزين اللاذقي ، ولم أر من ذكره ". انتهى
وأما من تابعه وهو " عبد الوهاب بن الضحاك " ، فهو كذاب ، كذبه أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (6/74) .
ثانيا :
لا شك أن مكارم الأخلاق ، ومحاسن الآداب : التواضع للعالم ، خاصة الذي علم الإنسان أعظم العلم ، وهو العلم بالله ، وبكتابه ، وسنة نبيه ، وما يرضي رب العالمين عنه .
ومن شيم الكرام : الاعتراف بحق المعلم ، ما عاشوا .
وقد ورد عن شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث مثل هذا المعنى .
فقد روى ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/185) عن شعبة أنه قال :" من كتبت عنه أربعة أحاديث : فأنا عبده حتى أموت ". انتهى
وروى الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (318) عن شعبة أيضا أنه قال :" كنت إذا سمعت من الرجل الحديث ، كنت له عبدا ما حيي ، فكلما لقيته ، سألته عنه ". انتهى
ولا يخفى أن "مقام العبودية" الطوعية هنا : هو مقام الأدب ، والتوقير ، والاعتراف بالفضل ، وحفظ الجميل ، ومعرفة الحق ، والوفاء للمعلم أبد الدهر .

والله أعلم
Post a Comment

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق