أركان الوضوء
أركان الوضوء هي ما يتركب منه حقيقته، بحيث إذا تخلف ركن منها، بطل الوضوء،
ولا يعتد به شرعًا، وهي:
1- غسل الوجه كله:
والوجه: ما تحصل به المواجهة، وحدُّه: من منحنى الجبهة من الرأس (أو من
منابت الشرع المعتاد) إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن
عرضًا.
وغسل الوجه ركن من أركان الوضوء لا يصح بدونه، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}([1]).
وقد أثبت كل من روى صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم غسل الوجه، وأجمع على هذا
أهل العلم.
وتجب المضمضة والاستنشاق:
المضمضة هي: غسل الفم وتحريك الماء فيه.
والاستنشاق هو: إيصال الماء إلى داخل الأنف وجذبه بالنفس إلى أقصاه.
والاستنثار هو: إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق.
وهما واجبان –في
الوضوء- في أصح أقوال العلماء، وذلك لما يأتي:
1- أن الله تعالى قد أمر بغسل الوجه –كما تقدم- والفم والأنف منه، ولا موجب لتخصيصه بظاهره دون باطنه فإن الجميع
في لغة العرب يسمى وجهًا، فإن قلت: قد أُطلق على خرم الفم والأنف اسمٌ خاص فليسا
في لغة العرب وجهًا؟! قلنا: وكذلك أطلق على الخدين والجبهة وظاهر الأنف والحاجبين
وسائر أجزاء الوجه أسماء خاصة، فلا تسمى وجهًا! وهذا في غاية السقوط لاستلزامه عدم
وجوب غسل الوجه([2]).
2- أن الله تعالى أمر بغسل الوجه مطلقًا وفسَّره النبي صلى الله عليه وسلم
بفعله وتعليمه، فمضمض واستنشق في كل وضوء توضأه، ولم ينقل عنه أنه أخل به أبدًا مع
اقتصاره على أقل ما يجزئ، وفعله صلى الله عليه وسلم إذا خرج امتثالاً لأمر كان
حكمه حكم ذلك الأمر في اقتضاء الوجوب([3]).
3- أنه ثبت الأمر بالاستنشاق والاستنثار من قوله صلى الله عليه وسلم:
(أ) «من توضأ فليستنثر» وفي رواية: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم
ليستنثر»([4]).
(ب) «إذا توضأ أحدكم فليستنشق... » ([5]).
(جـ) «... وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا»([6]).
قال شيخ الإسلام([7]):
«.. وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الاستنشاق بالأمر، لا لأنه أولى بالتطهير من
الفم، كيف والفم أشرف لأنه محل الذكر والقراءة، وتغيُّره بالخلوف أكثر؟ لكن يشبه –والله أعلم- أن الفم لما
شرع له التطهير بالسواك وأوكد أمره، وكان غسله بعد الطعام مشروعًا، وقبل الطعام
على قول، علم اعتناء الشارع بتطهيره بخلاف الأنف فإنه ذُكر لبيان حُكْمه خشية أن
يُهمل» اهـ.
4- أنه قد جاء الأمر بالمضمضة كذلك في أحاديث، أحسنها حالاً: حديث لقيط بن
صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأت فمضمض»([8]).
قلت: ولو قال قائل بأن أدلة إيجاب المضمضة والاستنشاق مصروفة إلى الندب
بحديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته أنه صلى الله عليه وسلم قال للمسيء: «إنها
لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى
المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين... » الحديث([9]).
فلم يذكر المضمضة أو الاستنشاق فيما أمر الله به، فوافق الآية الكريمة، وذكر
الوجه فيهما ليس مجملاً حتى يقال إنه مبين بالسنة. فهذا أيضًا قول قوي ومتجه والله
أعلم.
فائدة: اعلم أن العلماء اختلفوا في حكم المضمضة والاستنشاق في الطهارتين
(الوضوء والغسل) على أربعة أقوال([10]).
الأول: أنهما واجبان في الغسل دون الوضوء، وبه قال الثوري وأبو حنيفة
وأصحاب الرأي.
الثاني: أنهما سنة في الغسل والوضوء، وبه قال مالك والشافعي والليث
والأوزاعي وجماعة.
الثالث: أنهما واجبان في كل من الغسل والوضوء، وبه قال عطاء وابن جريج وابن
المبارك وإسحاق ورواية عن أحمد، وهو مشهور مذهب الحنابلة.
الرابع: أن الاستنشاق واجب فيهما، والمضمضة سنة فيهما، وبه قال: أحمد –في رواية- وأبو عبيد وأبو
ثور وطائفة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر.
غسل اللحية وسائر شعر الوجه([11]):
إذا كانت الشعور النابتة على الوجه (اللحية والشارب والعنفقة([12])
والحاجبان وأهداب العينين) كثيفة لا تصف البشرة أجزأه غسل ظاهرها، وإن كانت تصف
البشرة وجب غسلها معه، وإن كان بعضها خفيفًا والبعض الآخر كثيفًا وجب غسل بشرة
الخفيف معه وظاهر الكثيف.
وأما ما استرسل من اللحية: فعند أبي حنيفة ورواية عن أحمد أنه لا يجب غسل
المسترسل منها، وإنما يكفيه غسل ما كان على حد الوجه، لأن المراد بالوجه البشرة
فقط.
وعند الشافعي وظاهر مذهب أحمد أنه يجب غسل المسترسل مهما كان، لأنه نابت في
محل الفرض فيدخل في مسمَّاه ظاهرًا، وهو الأظهر والله أعلم.
2- غسل اليدين إلى المرفقين:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}([13]).
وقد أجمع العلماء على وجوب غسل اليدين في الوضوء.
واعلم أن «إلى» في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}. بمعنى «مع» كقوله سبحانه: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى
أَمْوَالِكُمْ}([14]).
وكقوله: {وَيَزِدْكُمْ
قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}([15]).
أي: مع قوتكم، وقال المبِّرد: إذا كان الحد من الجنس المحدود دخل فيه.
وعلى هذا فيجب إدخال المرفقين في الغَسل، وهذا مذهب الجمهور خلافًا لبعض
المالكية([16]).
ويؤيده فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة: «أنه توضأ فغسل يديه
حتى أشرع في العضدين، وغسل رجليه حتى أشرع في الساقين، ثم قال: هكذا رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ»([17]).
ثم إن القاعدة: «أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» ولا يتم معرفة غسل
اليد كاملة إلا إذا أدار الماء على المرفقين([18]).
3- مسح الرأس: قال تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ}([19]) وقد أجمع العلماء على أن مسح الرأس فرض، واختلفوا في القدر المجزئ منه على
ثلاثة أقوال:
الأول: وجوب مسح الرأس كاملاً في حق الرجل والمرأة سواء: وهو مذهب مالك
وظاهر مذهب أحمد وجماهير أصحابه وأبي عبيد وابن المنذر واختاره ابن تيمية([20])
واستدلوا بما يلي:
1- قوله تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ}. والباء للإلصاق، فيكون التقدير: (وَامْسَحُواْ رُؤُوسِكُمْ) كما أنه يمسح الوجه للتيمم، لأنهما في التنزيل بلفظ واحد، قال تعالى: {فَامْسَحُواْ
بِوُجُوهِكُمْ}([21])
أي جميعها.
2- أن هذا الأمر فسَّرته السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
لما توضأ مسح رأسه كله، ومن ذلك: حديث عبد الله بن زيد قال: «أتانا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر([22])،
فتوضأ فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين إلى المرفقين، ومسح برأسه فأقبل به وأدبر، وغسل
رجليه»([23])
وفي لفظ «ومسح رأسه كله».
3- حديث المغيرة بن شعبة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على خفيه،
ومقدم رأسه وعلى عمامته»([24])
فلو أجزأ مسح مقدم الرأس لما مسح على العمامة فدلَّ على وجوب الاستيعاب.
الثاني: يجزئ مسح بعض الرأس: وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي([25])،
واختلفوا في القدر المجزئ فقيل ثلاث شعرات وقيل ربع الرأس وقيل النصف!! وحجتهم:
1- أن الباء في قوله تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} للتبعيض وليست للإلصاق.
2- ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسحه على الناصية (مقدم الرأس).
الثالث: وجوب مسح الرأس كله للرجل دون المرأة: وهو رواية عن أحمد أنه قال: أرجو
أن تكون المرأة في مسح الرأس أسهل، كانت عائشة رضي الله عنها تمسح مقدم رأسها قال
ابن قدامة: «وأحمد من أهل الحديث، ولا يستدل بحادثة عين إلا إذا ثبتت عنده إن شاء
الله»([26]).
قلت (أبو مالك): الذي يترجح مما تقدم أنه يجب مسح الرأس كله في الوضوء لقوة
أدلته وأما من قال بأن الباء في الآية للتبعيض، فقد أنكره سيبويه في خمسة عشر
موضعًا من كتابه، وقال ابن برهان: من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء أهل اللغة
بما لا يعرفونه. اهـ([27]).
ثم إنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح
بعض رأسه البتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة([28]).
وأما المرأة فلا أعلم دليلاً على التفريق بينها وبين الرجل في ذلك، لكن
يجوز لها أن تمسح على خمارها، ولو مسحت مقدم رأسها مع الخمار فهو أولى خروجًا من
الخلاف. والله أعلم.
فائدة: إذا كان الرأس ملبدًا بحناء ونحوها جاز المسح عليه: لأنه ثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في إحرامه ملبِّدًا رأسه –كما سيأتي في الحج- فلا
يُتكلف نقضه لأجل الوضوء، فإن ما وضع على الرأس من ذلك تابع له، والله أعلم.
4- مسح الأذنين:
يجب مسح الأذنين مع الرأس، لأنهما منه، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: «الأذنان من الرأس»([29])
والحديث ضعيف مرفوعًا على الراجح، لكنه ثابت عن جمع من السلف منهم ابن عمر([30]).
ويشهد لذلك الأحاديث التي فيها «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه
وأذنيه مرة واحدة»([31]).
وهي كثيرة عن عليٍّ وابن عباس والربيِّع وعثمان، قال الصنعاني: «كلهم
متفقون على أن مسحهما مع الرأس مرة واحدة، أي: بماء واحد، كما هو ظاهر لفظة «مرة»
إذ لو كان يؤخذ للأذنين ماء جديد ما صدق أنه «مسح على رأسه وأذنيه مرة واحدة» وإن
احتمل أن المراد أنه لم يكرر مسحهما وأنه أخذ لهما ماء جديدًا فهو احتمال بعيد»
اهـ([32]).
قلت: وإن أخذ لأذنيه ماءً جديدًا فلا بأس كذلك، لثبوته عن ابن عمر([33]).
تنبيه: لا يشرع مسح الرقبة في الوضوء، لأنه لم يصح فيه شيء عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم([34]).
6- غسل الرجلين مع الكعبين([35]):
وغسل الرجلين واجب عند جماهير أهل السنة، لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ
إِلَى الْكَعْبَينِ}([36]). بنصب «أرجلكم» عطفًا على المغسولات.
وكل من روى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم أثبت غسل الرجلين إلى الكعبين، ومن
ذلك حديث عثمان الذي فيه: «... ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين.. » ([37]).
والكعبان داخلان في الغسل، لأن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه –كما تقدم- ويدل على هذا
حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة
فأدركنا وقد أرهَقْنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: «ويل
للأعقاب من النار» مرتين أو ثلاثًا([38]).
وأما ما ورد من مسحه صلى الله عليه وسلم في وضوئه فمحمول على مسح الخفين
وهو رخصة كما سيأتي، وقد خالف في هذه المسألة الرافضة وأكثر الشيعة فقالوا بوجوب
مسح القدمين دون غسلهما، والصحيح المعمول به الأول، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: «أجمع
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين»([39]).
تخليل أصابع اليدين والرجلين: الأصابع وما بينهما جزء من محل الفرض فيجب
غسلها فإذا لم يتم غسلها إلا بتخليلها وجب تخليلها وإلا فهو مستحب كما سيأتي.
7- الترتيب:
وهو تطهير أعضاء الوضوء عضوًا عضوًا بالترتيب الذي أمر الله به في الآية
الكريمة فيغسل الوجه ثم اليدين ثم يمسح الرأس ثم يغسل القدمين، والترتيب واجب في
أصح قولي العلماء، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وأبي ثور وأبي عبيد والظاهرية([40]).
واستدلوا على الوجوب بما يلي: 1- أن الله تعالى قد ذكر في الآية فرائض
الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين – وصرفهما الغسل- بالرأس الذي فرضه المسح، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره
إلا لفائدة وهي هنا إيجاب الترتيب([41]).
2- أن كل من حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم حكاه مرتبًا([42])،
وفِعله مفسر لكتاب الله تعالى.
3- لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتبًا ثم قال: «هذا وضوء لا
يقبل الله الصلاة إلا به»([43]).
لكنه حديث ضعيف.
وقد ذهب مالك والثوري وأصحاب الرأي([44])
إلى أن الترتيب مستحب وليس بواجب، وحجتهم:
1- أن العطف في الآية لا يقتضي الترتيب، وفيما تقدم رد على هذا.
2- ما رُوي عن عليٍّ وابن مسعود أنهما قالا: «ما أبالي بأي أعضائي بدأت»([45]).
ويجاب عن هذا بما قاله الإمام أحمد، كما في «مسائل ابنه عبد الله» (27- 28):
«إنما يعني: اليسرى قبل اليمنى، ولا بأس أن يبدأ بيساره قبل يمينه، لأن
مخرجها من الكتاب واحد، قال تعالى: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ
إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}([46]). فلا بأس أن يبدأ باليسار قبل اليمين» اهـ.
قلت: وإن كان الأولى البدء باليمين ابتاعًا للسنة والله أعلم.
8- الموالاة: وهي المتابعة بين أعضاء الوضوء في الغسل بحيث لا يجف العضو
قبل غسل ما يليه في الزمان المعتد.
وقد ذهب الشافعي في قوله القديم، وأحمد في المشهور، إلى وجوب الموالاة، وكذلك
مالك إلا أنه فرق بين من تعمد التفريق وبين المعذور وهو الذي اختاره شيخ الإسلام([47]).
ويدل على الوجوب حديث عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ فترك موضع ظُفُر على
قدميه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ارجع فأحسن وضوءك» فرجع ثم صلى([48]).
وفي رواية عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «أن النبي صلى الله عليه
وسلم رأى رجلاً يصلي في ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى
الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة»([49]).
وذهب أبو حنيفة والشافعي في الجديد إلى أن الموالاة ليست واجبة وهو رواية
عن أحمد وهو مذهب ابن حزم([50])،
قالوا:
1- لأن الله تعالى أوجب غسل الأعضاء، فمن أتى بغسلها فقد أتى بالذي عليه، فرَّقها
أو أتى بها نسقًا متتابعًا.
2- ولما رواه نافع «أن ابن عمر توضأ في السوق فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم
دُعيِ إلى جنازة فدخل المسجد ثم مسح على خفيه وصلى»([51]).
3- ضعَّفوا الحديث الذي فيه الأمر بإعادة الوضوء والصلاة.
4- أوَّلوا قوله صلى الله عليه وسلم: «ارجع فأحسن وضوءك» بأن المراد
الإتمام بغسل ما لم يصبه الماء من القدم.
قلت: الفاصل في النزاع –مما تقدم- حديث خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي
فيه الأمر بإعادة الوضوء والصلاة، فمن صححه قال بالوجوب، وإلا فباقي الأدلة محتملة،
والذي يظهر لي وجوب الموالاة لهذا الحديث، ولأن الوضوء عبادة واحدة فلا تفرُّق، وأما
أثر ابن عمر فظاهر أنه في حال عذر واضطرار فلا يقاس عليها حال الاختيار، والله
أعلم.
لكن إذا حصل تفريق يسير بين غسل الأعضاء فلا يضر، والله أعلم.
([29]) ضعيف: وله طرق كثيرة كلها معلولة وقد
اختلف في تحسينه بمجموعها، بل ذهب العلامة الألباني –رحمه الله- في «الصحيحة» (1/
55) إلى أنه ربما يرتقى إلى درجة المتواتر عند بعض العلماء (!!) وقد تعقبه شيخنا
–حفظه الله- في «النظرات» ورجح ضعفه وهو الصواب، وقد ضعفه الشيخ مشهور حسن –حفظه
الله- بعد بحث رائق في حاشيته على «الخلافيات» للبيهقي (1/ 448).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق